Khansa’s Reviews > العرب والانتحار اللغوي > Status Update

الحقيقة أنه ما من حضارة إنسانية ازدهرت وتألقت إلا وكانت لغتها رمزا لازدهارها وتألقها.

إن تحليل المشكل اللغوي هو في الواقع تحليل للنسيج الاجتماعي الثقافي الأولي والأساسي الذي تقوم عليه الوحدة الثقافية القومية. وهذا التحليل ليس في واقعه لغويا بقدر ماهو تحليل للمجتمع، وقدراته، ومدی حيويته.

اللغة القومية ليست مجرد وسيلة تعبير وتفاهم بين إنسان وآخر. إنها بحكم منطقها الداخلي، وتاريخيتها، وبناها، وتراكيبها، رابطة اجتماعية فكرية من الدرجة الأولی. يتبين ذلك من زوايا ثلاث من النظر يتكامل بعضها مع بعض: فاللغة أداة تلقي المعرفة، وأداة التفكير ورمزه وتجسيده، إنها الفكر نفسه في حالة العمل. فليس ثمة فكر مجرد بغير رموز لغوية، ولا تفكير إلا في الألفاظ. وبقدر ماتكون اللغة دقيقة حية منظمة يكون الفكر دقيقا حيا منظما.

ليس لعالم اللغة أن يستنقص من شأن أي لسان بشري ولكن ليس من حقه ان يسكت عن توظيف العلم لغير مرامي العلم، وقد تهون المرامي لو كانت اقتصادية، أو تمجيدية، أو تفاخرية، أما أن تكون سياسية موسومة بطابع الذرائعية والميكافيلية فإن الصمت معها يغدو إثما فكريا في حق المعرفة.

عالم اللغة من حقه -بل من واجبه- أن يميز ما هو موقف لغوي في خدمة المعرفة الموضوعية والعلم المنزه عن حسابات المصلحة وقياسات المنافع مما هو موقف لغوي في صياغته ولكنه موظف لخدمة غاية تتجاوز حدود العلم ولا تحتكم بضوابط المعرفة الخالصة لذاتها.

التصرف في النص [القرآني] بالحذف والإسقاط يفضي إلی تقديم الشاهد الأبتر، ويقدم صورة ترمز لإضمار التفتيت، وتفتيت النص هو الخطوة المقدمة لتفتيت الهوية بما فيها اللغة.

الهوية قلعة حصنها الثقافة وسياجها اللغة.