“أحد موضوعات الجندر المهمة هو موضوع الأدوية. فالرجال يشعرون أنهم شديدو الرجولة ويمكنهم تجاوز المشكلات وحدهم. "وحدهم" تعني من دون أدوية ومن دون علاج نفسي. يرون مغامرة ذكورية عظمى في مواجهتهم مشاكلهم من دون عقاقير. من أين تأتي كل هذه البلاهة؟ لقد سمعت رجالًا يتحدثون عن الفخر الذي أحسوا به لدى خروجهم من اكتئاب "وحدهم"، بالاعتماد على أنفسهم. كيف لا يدركون أنه يمكن للعقار أن يكون هو المنقذ، وأن قرص دواء في اليوم، مجرد قرص سخيف وصغير، يمكنه أن يزيح حُجبًا سوداء تحجب الشمس؟”
―
―
“قال سنكلر لأحد رفاقه بصوت هامس:
- لا يمكن لأحد أن يفسر الحزن الذي يعيشه هؤلاء إلا إذا عرف الصحراء وعاش فيها. هذه الصحراء الملعونة لا تلد إلا مثل هؤلاء البشر ومثل تلك الحيوانات التي رأيناها ونحن آتون.
وحين هز ذلك الأمريكي رأسه دلالة علي أنه فهم تابع سنكلر:
- والبكاء يخفف عنهم، لكنهم قساة، عنيدون، ولذلك يبكون في داخلهم، تنزل دموعهم إلي الداخل، وهذه الدموع الحزينة تطفو مرة أخري علي شكل صرخات وتوجع يسمونه غناء، وهم يفعلون ذلك في أعراسهم .. وهم يفرحون!
وبعد قليل أضاف بسخرية:
- هذا هو الغناء الوحيد الذي يتقنونه!
مط الأميركي شفته وقال وهو ينقّل نظراته في الوجوه التي حوله:
- ما أعجب هؤلاء الناس، ولشد ما يبدون غامضين، لا يعرف الإنسان هل هم فرحون أم حزانى. كل شئ فيهم مغلف، طبقات فوق طبقات، تماما مثل الصحراء التي يعيشون فوقها!”
― التيه
- لا يمكن لأحد أن يفسر الحزن الذي يعيشه هؤلاء إلا إذا عرف الصحراء وعاش فيها. هذه الصحراء الملعونة لا تلد إلا مثل هؤلاء البشر ومثل تلك الحيوانات التي رأيناها ونحن آتون.
وحين هز ذلك الأمريكي رأسه دلالة علي أنه فهم تابع سنكلر:
- والبكاء يخفف عنهم، لكنهم قساة، عنيدون، ولذلك يبكون في داخلهم، تنزل دموعهم إلي الداخل، وهذه الدموع الحزينة تطفو مرة أخري علي شكل صرخات وتوجع يسمونه غناء، وهم يفعلون ذلك في أعراسهم .. وهم يفرحون!
وبعد قليل أضاف بسخرية:
- هذا هو الغناء الوحيد الذي يتقنونه!
مط الأميركي شفته وقال وهو ينقّل نظراته في الوجوه التي حوله:
- ما أعجب هؤلاء الناس، ولشد ما يبدون غامضين، لا يعرف الإنسان هل هم فرحون أم حزانى. كل شئ فيهم مغلف، طبقات فوق طبقات، تماما مثل الصحراء التي يعيشون فوقها!”
― التيه
“وإن كان الإنسان ينسى فإنّ فتح الله لا ينسى أبدًا أيام القر الشديد والزمهرير المديد، وأرضروم كلها -مدائنها وقراها وجميع حماها- هي موطن البرد ومسكن الثلج الأبدي، من كل بلاد الأناضول.. صيفُها شتاءٌ، وشتاؤها فناءٌ.. غيابٌ شاملٌٍ للإنسان والحيوان والأشياء.. كل شئ تغطيه الثلوج، فلا تواصل بين أهاليها إلا عبر الخنادق والأنفاق التي يحفرها الناس من تحت تلال الثلوج؛ فيَسْرَبون بها لقضاء ضرورياتهم الاجتماعية، ثم يؤوب كل شخص إلى عشه، محتميًا بموقد أسرته قبل أن يتجمد لحمه ودمه.”
― عودة الفرسان
― عودة الفرسان
“خَطا الجد نحو حفيده خطوات .. وإن الناظر إليه لا يدري بأي التجليات كان يتحرك؟ أبِأحوال الجمال أم بأحوال الجلال؟ فليس من السهل أن تعرف ما يسبح في بحره العميق من حيتان ومرجان! ولا يبوح البحر بأسراره حتى تتدفق أمواجه على الشطآن! ثم اقترب حتي كان قاب قوسين أو أدنى! ولم تزل العينان من الجهتين تتواصلان بأشعة الرهبة والرغبة! حتي إذا ضاق الجبل بمائه الفوار تفجرت الحجارة بالأنهار! ثم تدفقت التجليات تترى فجعلت حصون الجد دكًّا؛ وخر علي جسد حفيده صعِقًا!
ثم .. ثم احتضن الغلام بكلتا يديه وأجهش بالبكاء ..! وانجرفت الحجارة بقوة السيل شهيقًا عميقًا، ترتجف له من حوله فرائصُ الأشجار والأطيار! ولبكاء الشيوخ رهبة ولا كأي رهبة! بكاء يجرف معه كل أحزان التاريخ ويهيج كل مآتم العمر، وكل مآسي الأيام الخوالي! فمن يستطيع سد السيل إذا هاجت وديانه من كل شعابها ..!؟
وتُطلق الريح شهيقها الرهيب بين شماريخ الجبال! لكن الطفل بقي بين يدي جده حائرًا! وتساءل خاطره الجريح متعجبًا: "جدي شامل هو أيضًا يبكي؟" .. كانت المفاجأة بالنسبة إليه أشبه ما تكون بعصفة الروح، أو بكشف نوراني مباغت! فلا يدري القلب في غمرة النور كيف يتصرف! لكن الحيرة لم تطل كثيرًا فما كان لقلب الصغير أن تحجم عصافيره عن رصد صدى النشيج! ولم يدر كيف دس وجهه في صدر جده، وانخرط يغرف من مواجع النحيب! ثم اتحدت دماء التاريخ بدموع الزمان الجديد! فاخرسي يا حمائم الرثاء وأنصتي! فهذا الشيخ الحكيم ينقش الآن رثاءه لنفسه شعرًا يتضور ألمًا ثم يلقيه علي عصره الراحل من التاريخ الحزين إلى زمن الحفيد، محملًا بآلاف المواجع والجراح! ولم يزل شهيقه الكليم يتفجر من أرضروم، ويسرب مع الريح حتى تتكسر أصداؤه الولهى على مآذن إسطنبول، هنالك في الغرب الشماليّ للبلاد!
وجعل الجد شامل يردد كلمات من الشعر التركيّ الحزين، شعر رسخت أبياته في ذاكرة فتح الله ألمًا لذيذًا لم ينسه قط:
"قد غادرت الوردة المكان ..... ورحل العندليب!
فكيف يطربنا ضحك؟ ..... وما يجدينا النحيب؟"
#عودة_الفرسان”
― عودة الفرسان
ثم .. ثم احتضن الغلام بكلتا يديه وأجهش بالبكاء ..! وانجرفت الحجارة بقوة السيل شهيقًا عميقًا، ترتجف له من حوله فرائصُ الأشجار والأطيار! ولبكاء الشيوخ رهبة ولا كأي رهبة! بكاء يجرف معه كل أحزان التاريخ ويهيج كل مآتم العمر، وكل مآسي الأيام الخوالي! فمن يستطيع سد السيل إذا هاجت وديانه من كل شعابها ..!؟
وتُطلق الريح شهيقها الرهيب بين شماريخ الجبال! لكن الطفل بقي بين يدي جده حائرًا! وتساءل خاطره الجريح متعجبًا: "جدي شامل هو أيضًا يبكي؟" .. كانت المفاجأة بالنسبة إليه أشبه ما تكون بعصفة الروح، أو بكشف نوراني مباغت! فلا يدري القلب في غمرة النور كيف يتصرف! لكن الحيرة لم تطل كثيرًا فما كان لقلب الصغير أن تحجم عصافيره عن رصد صدى النشيج! ولم يدر كيف دس وجهه في صدر جده، وانخرط يغرف من مواجع النحيب! ثم اتحدت دماء التاريخ بدموع الزمان الجديد! فاخرسي يا حمائم الرثاء وأنصتي! فهذا الشيخ الحكيم ينقش الآن رثاءه لنفسه شعرًا يتضور ألمًا ثم يلقيه علي عصره الراحل من التاريخ الحزين إلى زمن الحفيد، محملًا بآلاف المواجع والجراح! ولم يزل شهيقه الكليم يتفجر من أرضروم، ويسرب مع الريح حتى تتكسر أصداؤه الولهى على مآذن إسطنبول، هنالك في الغرب الشماليّ للبلاد!
وجعل الجد شامل يردد كلمات من الشعر التركيّ الحزين، شعر رسخت أبياته في ذاكرة فتح الله ألمًا لذيذًا لم ينسه قط:
"قد غادرت الوردة المكان ..... ورحل العندليب!
فكيف يطربنا ضحك؟ ..... وما يجدينا النحيب؟"
#عودة_الفرسان”
― عودة الفرسان
“كان يقرأ في كتب الصرف كيف يصرف أجيال الترك علي موازين القرآن؛ وينظر في كتب النحو إلى كيفية جبر الكسر، ورفع الهامات في كل مكان، وعلاج الفعل اللازم؛ فلعله يتعدي إلي نصب جسور الفتح على مياه البوسفور؛ ولعل الفاعل يتحرر من أغلال الفعل الجامد، ولعله في يوم ما يعرف مفعوله؛ فتلتقي الأفراس مع فوارسها، وتتخلص الأمة من بناء الفعل للمجهول.”
― عودة الفرسان
― عودة الفرسان
آية’s 2024 Year in Books
Take a look at آية’s Year in Books, including some fun facts about their reading.
More friends…
Favorite Genres
Polls voted on by آية
Lists liked by آية



























